من منا لم يخطئ أبداًَ بحقّ الآخرين؟
الاعتراف بالخطأ للشخص الذي أخطأت بحقه من الأمور الطبيعية والضرورية.
ولكن ما الذي يمكن أن نفعله في حال أصبحت عبارة “أنا آسف” من العبارات الشائعة في كلامنا، والتي نذكرها بشكل متكرّر، سواء كنا مخطئين فعلاً أم لا؟.
من المؤكد أنَّ ذكر عبارة “أنا آسف” تشير إلى أنَّ الشخص فعلاً يعترف بأنه ارتكب خطأ ما، وأنه مدرك لمدى الضرر الذي تسبَّب به.
وبالتالي فإنَّ هذه العبارة عندما يقولها الشخص المذنب تدلُّ على احترام الشخص لنفسه واحترامه للشخص الآخر أمامه الذي أخطأ بحقه، بالإضافة إلى أنها تنمُّ أيضاً عن الذوق والأخلاق العالية وقوة الشخصية.
وتؤكد هذه العبارة أنَّ الشخص يقدّر ذاته، وفي الوقت نفسه يقدر الشخص الآخر.
ويقول الخبراء النفسيون: من المهم أن تلتزم بهذه العبارة عندما تكون مذنباً، ومن المهم أيضاً أن تبدو فعلاً “آسفاً” ولا تقولها لمجرد “تلميع” صورتك أمام الآخرين.
ولكن، ووفقاً لما أكدوه، فمن الخطأ أن يصبح ذكرك لعبارة “أنا آسف” عادة طبيعية تلازمك، سواء كنت مذنباً فعلاً أم لا.
وفي حال أصبحت هذه العبارة “عادة” لديك تقولها في الأوقات المناسبة وغير المناسبة، فإنها تفقد معناها الحقيقي.
هذا وإنَّ ترداد العبارة يمكن أن يؤثر، وبشكل سلبي، على صورتك بشكل عام لدى الآخرين والانطباع الذي تتركه لديهم.
ويقول الخبراء إنَّ هذه العادة قد تلازم الأشخاص الذين يتسمون بالحساسية الزائدة أو الخجل، وقد تنبع عند البعض من الإحساس بالمسؤولية، إذ حتى لو أخطأ الآخرون يعتذرون عوضاً عنهم.
وتعود أسباب تكرار استخدام هذه العبارة أيضاً إلى أسلوب التربية الخاطئ أحياناً، حيث إنَّ الأهل يؤكدون ضرورة أن يحترم ابنهم الآخرين، مخطئين في إيصال فكرة “كسب احترام الآخر”، فتؤدي هذه التربية إلى تدمير ثقته بنفسه، وتزعزع قيمته في نظر نفسه، فيظنُّ أنه هو المخطئ في أغلب المواقف.
كما أشار الخبراء إلى أنَّ كثرة ترداد هذه العبارة يمكن أن يشير أيضاً إلى قلة الثقة بالنفس، ويمكن أن ينعكس أيضاً على نظرة الآخرين له، حيث قد ينظرون إليه على أنه شخص قليل الكفاءة، ولا يمكن الاعتماد عليه في الأعمال الجادة.
ومن الضروري ألا تدع هذه العبارة تسيطر عليك وتصبح عادة تردّدها في جميع المواقف عندما تكون غير المسؤول عن الخطأ المرتكب.
كما أنَّ تردادها بشكل متواصل، يمكن أن يحوّلك إلى شخص يراه الآخرون متردداً ولا يتمتع بشخصية قوية، ويمكن أن يحملك الآخرون نتيجة أخطائهم.
ولكن كيف يمكن أن نتجنَّب هذه العادة؟
¶ فتّش عن السبب
ابحث منذ البداية عن السبب في اعتيادك على قول عبارة “أنا آسف” في غالبية المواقف، وحدّد هذا السبب بدقة.
وأشار الخبراء إلى أنَّ السبب يمكن أن يكون راجعاً إلى افتقادك الإحساس بالأمن والطمأنينة، كما يمكن أن يكون بسبب الرغبة في إسعاد الآخرين ونيل رضاهم حتى على حساب نفسك وشخصيتك الحقيقية.
¶ “فكر” قبل أن تعتذر
قبل أن تتسرَّع وتقول عبارة “أنا آسف”، حاول أن تفكر قليلا، وألا تندفع فوراً وراء عادتك هذه، ثم اسأل نفسك دائماً: هل أنا بالفعل المسؤول عن هذا الخطأ؟، وحاول أن تكون منطقياً في الإجابة، وتأكد أنه ليس من الخطأ ألا تعتذر عن أمر لم ترتكبه.
¶ كن واضحاً
لا تنجرف وراء مشاعرك الإنسانية وتعتذر عن شخص آخر، بل يمكنك أن تستبدل كلمة “آسف” بعبارات أخرى تظهر تعاطفك من دون أن تحمّل نفسك مسؤولية ما حدث.
ويمكنك أن تظهر تعاطفك مع مشاعر الآخرين بقول كلمات أخرى إيجابية ومشجعة.